{يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس} لا يغتسلون من جنابةٍ، ولا يتوضؤون من حدثٍ {فلا يقربوا المسجد الحرام} أَيْ: لا يدخلوا الحرم. مُنعوا من دخول الحرم، فالحرمُ حرامٌ على المشركين {بعد عامهم هذا} يعني: عام الفتح، فلمَّا مُنعوا من دخول الحرم قال المسلمون: إنَّهم كانوا يأتون بالميرة، فالآن تنقطع عنا المتاجر، فأنزل الله تعالى: {وإن خفتم عيلة} فقراً {فسوف يغنيكم الله من فضله} فأسلم أهل جدَّة وصنعاء وجرش، وحملوا الطَّعام إلى مكَّة، وكفاهم الله ما كانوا يتخوَّفون {إنَّ الله عليم} بما يصلحكم {حكيم} فيما حكم في المشركين، ثمَّ نزل في جهاد أهل الكتاب من اليهود والنَّصارى قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} يعني: كإيمان الموحِّدين وإيمانُهم غيرُ إيمانٍ إذا لم يؤمنوا بمحمد {ولا يحرِّمون ما حرم الله ورسوله} يعني: الخمر والميسر {ولا يدينون دين الحق} لا يتدينون بدين الإِسلام {حتى يعطوا الجزية} وهي ما يعطي المعاهِد على عهده {عن يد} يعطونها بأيديهم يمشون بها كارهين، ولا يجيئون بها ركباناً، ولا يرسلون بها {وهم صاغرون} ذليلون مقهورون يُجَرُّون إلى الموضع الذي تقبض منهم فيه بالعنف، حتى يؤدُّوها من يدهم.{وقالت اليهود عزير ابنُ الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم} ليس فيه برهانٌ ولا بيانٌ، إنَّما هو قولٌ بالفم فقط {يُضاهئون} يتشبَّهون بقول المشركين حين قالوا: الملائكة بنات الله، وقد أخبر الله عنهم. بقوله: {وخرقوا له بنين وبناتٍ} {قاتلهم الله} لعنهم الله {أنى يؤفكون} كيف يُصرفون عن الحقِّ بعد وضوح الدَّليل حتى يجعلوا لله الولد، وهذا تعجيب للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم} علماؤهم وعُبَّادهم {أرباباً} آلهةً {من دون الله} حيث أطاعوهم في تحليل ما حرَّم الله، وتحريم ما أحلَّ الله {والمسيح ابن مريم} اتخذوه ربَّاً {وما أمروا} في التَّوراة والإِنجيل {إلاَّ ليعبدوا إلهاً واحداً} وهو الذي لا إله غيره {سبحانه عمَّا يشركون} تنزيهاً له عن شركهم.{يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} يخمدوا دين الإِسلام بتكذيبهم {ويأبى الله إلاَّ أن يتم نوره} إلاَّ أَنْ يُظهر دينه.{هو الذي أرسل رسوله} محمداً {بالهدى} بالقرآن {ودين الحق} الحنيفيَّة {ليظهره على الدين كله} ليعليَه على جميع الأديان.